تعد الشبكات الاجتماعية اليوم جزءا مهما
من الحياة اليومية، إذ تلعب دورا هاما في التعارف
والتواصل وتبادل المعلومات، وصناعة القرار السياسي والاجتماعي للدول والشعوب، على
أن يتم استخدامها بوعي وإدراك كافيين، وفي سلطنة عمان فقد أثرت الشبكات الاجتماعية
بأنواعها المختلفة في كثير من الجوانب، منها ظهور الحراك المجتمعي وانتشاره بين
المواطنين المستخدمين للشبكات الاجتماعية بشكل واسع وسريع، ففي تقرير نشرته كلية دبي
للإدارة الحكومية لعام 2012م عن دور شبكات التواصل الاجتماعي في تغيير حياة العرب والتأثير
الذي تلعبه الشبكات في صنع واقع جديد في المنطقة من ضمنها سلطنة عمان، وجد أن 46% من العمانيين ممن تم استفتائهم يعتقدون
أن شبكات التواصل الاجتماعي مكنتهم من لعب دور في تغيير المجتمع ، وأن أكثر شبكات التواصل الاجتماعي شهرة في عمان حتى يونيو 2012م هي الفيسبوك
فاللينكدين ثم التويتر، وقد كانت أهم الشبكات الاجتماعية في التواصل بين المواطنين
والجهات الحكومية بشأن توفير الخدمات والمطالبة بحقوقهم المختلفة، بالرغم من وجود
بعض المعيقات في ذلك.
لقد عانت معظم إن لم يكن كل المحافظات في
السلطنة خارج العاصمة مسقط ، من فقدان أو نقص العديد من الخدمات والإحتياجات الأساسية،
طوال السنين العديدة السابقة ، حيث تتركز التنمية على محافظة مسقط بشكل كبير ولافت، مع وجود نقص كبير في العديد من
الخدمات والمرافق الأساسية والضرورية، التي تحتاج إليها المحافظات الأخرى خارجها، ومع
ذلك كله فإنه ما زالت البنية الأساسية في محافظة مسقط نفسها، ينقصها الكثير من الإحتياجات
والخدمات، فالبنية الأساسية فيها تتقدم بشكل بطيء،
حيث أن مشكلة الإتصالات وضعف الشبكة ومقومات الإرسال تكاد تكون أزمة تعاني منها
أغلب المحافظات، كما أن مشكلة الإزدحام المروري لا تتناسب
وزيادة عدد المركبات، وبالنسبة للخدمات الأخرى الأساسية كالصرف الصحي، وتوفير الكهرباء
والمياه، لبعض المناطق في المحافظة، ووجود مراكز ثقافية ومكتبات عامة وغيرها ما يزال
معدوما أو محدودا، ولا يتناسب والزيادة الهائلة في عدد السكان والإحتياجات الأساسية
لهم، مما يتطلب تناسقا مستمرا بين الطفرة الهائلة في احتياجات الخدمات لمحافظة مسقط
والتنمية المستمرة ومنها توفير الخدمات. مما يتطلب الإستمرار في الدعم الكبير للتنمية
في المحافظة؛ ليشمل الإحتياجات والخدمات الأخرى الضرورية المطلوبة دون إهمال المحافظات
الأخرى خارجها. فإذا
كان الحال هكذا في العاصمة فما عساه أن يكون في المحافظات الأخرى؟ إن التنمية الأساسية للمحافظات تتطلب وجود
أساسيات عامة وهامة، أهمها وجود النظرة الشاملة للتنمية لجميع ربوع الوطن، وذلك يتطلب
توفير خدمات عالية الجودة والسعة كوجود شبكة طرق ومواصلات تربط جميع محافظات السلطنة،
وتوفر المنشآت وشبكات الإنترنت بالإضافة إلى الخدمات الصحية والإقتصادية والاجتماعية
والتعليمية وتسهيل الجوانب الإستثمارية والسياحية وغيرها، حيث ان ارتباط محافظات السلطنة
بطرق حديثة متقدمة وتوفر الخدمات الأخرى المكملة، سيسهل الانتقال وممارسة الأنشطة
المختلفة بين جميع المحافظات ، كما يقوي من التفاعل بين أرجاءه المترامية الأطراف. لذا
فإن ذلك يحتم على الحكومة ضرورة التواصل الفعال مع المواطنين؛ لتلمس إحتياجاتهم ومطالباتهم،
والسعي إلى تنفيذها بسياسات وجهود واضحة وحثيثة.
إن التكنولوجيا الحديثة اليوم سهلت
عملية التواصل بين المستخدمين لأبعد الحدود، ولعل وجود المؤسسات الحكومية العمانية
في الشبكات الاجتماعية أمرا في غاية
الأهمية وذلك لعرض أخبار المؤسسة و إنجازاتها والأهم من ذلك هو التواصل مع
المواطنين أو العملاء؛ لمعرفة إحتياجاتهم وتحسين خدمات المؤسسة بالإضافة إلى بناء سمعة
جيدة للمؤسسة، و صحيح أن وجود حسابات لهذه المؤسسات في مواقع الشبكات الاجتماعية لعرض
أخبارها فقط ـ كما هو الحال بالنسبة لكثير منها ـ هو أفضل من عدم التواجد ولكن عدم
الرد على تساؤلات عملائها وعدم تقبل آرائهم، والإستماع إلى مطالباتهم والإهتمام
بها سيكون لديهم إنطباع سلبي عن المؤسسة بلا شك.
يتمثل الحراك المجتمعي في السلطنة بشكل
كبير في الرغبة بتغيير سياسية أغلب المؤسسات والجهات الحكومية، والتي تخلفت في
تأدية مسؤولياتها على أكمل وجه، وأيضا تعزيز الإستثمار للمشاريع والافكار
التطويرية، كذلك تعديل الوضع الإقتصادي للدولة وتوفير فرص عمل لأكبر شريحة ممكنة
من المجتمع بتشييد المنشآت وتوفير الخدمات الضرورية في جميع محافظات السلطنة،
والتي ستلعب دورا هاما في توفير إحتياجات المواطنين وفي الوقت ذاته أماكن لشغل
الباحثين عن عمل، بالتالي تحسين مستوى معيشتهم وتقليل الجهد في الوصول إلى أماكن
توفر هذه الخدمات وقطع المسافات الطويلة والتي غالبا ما تنتهي بتأجيل المواعيد
والإعتذارات المتكررة. ولذا نجد المجتمع العماني مقبلا على الشبكات الاجتماعية
وخاصة في الآونة الأخيرة في توصيل آراؤهم وأفكارهم واحتياجاتهم للخدمات المتعددة
وبالطبع فإن هذه الخطوة بحاجة إلى وجود وعي كبير في استخدام الشبكات الاجتماعية وتوظيفها
في مصلحة الوطن وهذا أمر لا باس به إلى حد ما، وأيضا وجود بنية تحتية قوية في جميع
المحافظات بكافة التجهيزات ولعل هذا يشكل العائق الأكبر في ذلك كون أن الواقع الذي
نعيشه يشير إلى ضعف البنية التحتية في أغلب محافظات السلطنة لأسباب كثيرة منها
ربما تكون ضعف ميزانية الدولة أو محدوديتها. وبالنسبة للوعي لدى الفرد المستخدم لتلك
الشبكات لابد له من إمتلاك خلفية معرفية من التعامل مع الشبكات ومواقع التواصل
الاجتماعي وإدراك إيجابياتها وسلبياتها و الإلتزام بالنقاش الهادف والبناء في القضايا
وعدم تجاوز حدود الأدب في الحوار، مع تجنب استخدام اللغة العامية بكثرة؛ لتحقيق
الفوائد المرجوة بشكل صحيح. وعلى الرغم من أهمية الشبكات الاجتماعية و حضور المستخدم
العماني فيها بكثرة في الآونة الأخيرة إلا أن بعض المؤسسات الحكومية تصر على عدم مواكبة
هذا التقدم بدليل عدد الحسابات الرسمية لها في الشبكات الاجتماعية، فهيئة تقنية المعلومات
على سبيل المثال والتي أنشئت في آخر شهر مايو 2006م، كونها الهيئة التي تعد أبرز مسؤولياتها
تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمجتمع عمان الرقمي وإستراتيجية الحكومة الإلكترونية، تلك
الإستراتيجيات المؤمل أن تنقل الحكومة والمجتمع إلى الرقمية بحلول 2020 م، وعلى إعتبار
أنها في أعلى قمة الهرم التقني الحكومي في السلطنة، وهذا يُحتم عليها الحضور بفاعلية
في شبكات التواصل الاجتماعي بمختلف أدواتها. أنشأت لها حساباً رسمياً في تويتر معرف
باللغة الإنجليزية وهذا من شأنه عرقلة من يبحث عن الحساب الرسمي بالنسبة لعامة
الناس، وفي مكان النبذة التعريفية لا توجد نبذة تعريفية تعطي المستفيد معلومات دقيقة
عن صفة هذا الحساب و أهدافه، بل مجرد رقم الهاتف والموقع الرسمي لعمان الرقمية،
كما أن خلفية الملف الشخصي في هذا الحساب لا تعبر عن شيء أبدا فلا توجد صورة أصلا،
ولم تستغل تلك المساحة إنما مجرد خلفية سوداء، رغم أن مستخدمو تويتر تطورت رؤيتهم البصرية
وأصبحوا يوصلون رسائل بتلك الخلفيات في ملفاتهم الشخصية، يضاف إلى ذلك بأن الحساب الممثل
للجهة المنفذة لإستراتيجية عمان الرقمية غير معتمد رسميا من تويتر، فالإعتماد يزيد
من مصادقيته وثقة الناس به كونه يمثل حسابا رسميا لمؤسسة لها ثقلها الدولي. و يتابع
هذا الحساب المؤسسات والوزارات الحكومية و
الفرق الأهلية ، وفي الحسابات الرسمية من المفترض أن تتبع حسابات مؤسستها فحسب، كما
أن التغريدات التي يبثها وصلت إلى ما يقارب 50 % من التغريدات كلها لا تمت بصلة لمحتوى
المؤسسة ، إنما هو إعادة تغريد لأخبار عن وزارة التعليم العالي ووزارة الأوقاف وأخبارعن
وزارة الثروة السمكية وهيئة حماية المستهلك وغيرها وكلها
إعادة تدوير للخبر من جريدة عمان، ولا يوجد أي تغريدة لخبر يختص بالهيئة دون غيرها،
بينما نجد حساب الجزيرة نت - مثلا- وعشرات الحسابات التقنية والأخبارية في تغريداتها تحدثت عن أخبار تخص الهيئة
والمؤتمرات التي تقام بها. كما يفتقر الحساب
لخاصية التفاعل والتجاوب وهو أقرب لصفة الإعلان والأخبار منها لصفة التفاعل. إن تكوين
فريق عمل محترف متمرس على التواصل عبر الشبكات الاجتماعية ، شيء مهم وخصوصاُ إذا كانت
المؤسسة من المؤسسات التي لها صلة بالمجتمع ، ولابد أن يكون لها حسابا فاعلا يحوي فريق منظم و نظام للتفاعل
مع العملاء بالإضافة إلى أنظمة لإستقبال البلاغات
و أخرى للإقتراحات و الملاحظات. وبشكل عام فإن للمؤسسات والجهات
الحكومية بالسلطنة تواجدا لا بأس به على الشبكات الاجتماعية ومن المتوقع لها أن
تولي إهتماما أكثر بهذا الإتجاه نظرا لما تفرضه التكنولوجيا من تطورات، فالسلطنة
تسعى إلى مواكبة التطور الذي يشهده العالم؛ مكرسة جهودها للعمل بالحكومة الإلكترونية
وزيادة انتشار خدمة الإنترنت، وتوفير البنى الأساسية، إضافة
إلى رفع كفاءة الخدمات الحكومية وتحسينها وبناء الثقة بين الحكومة والمواطنين، كذلك مساندة ودعم المبادارات الخاصة بالشباب كونهم العمود الفقري للمجتمع.
الشبكات
الاجتماعية شكلت بيئة خصبة للنهوض بالمجتمع العماني والرقي بمستوى الخدمات المقدمة
للشعب، وتطوير هذه العملية ونجاحها قائم على بث الوعي ونشره بين المستخدمين شعبا
وحكومة بضرورة التواصل الاجتماعي البناء بينهم وغرس روح التعاون والإنتماء للوطن
الغالي ؛ لجعله بين مصاف الدول المتقدمة فكريا وثقافيا واجتماعيا وفي كافة
المجالات وتحقيق السعادة والراحة والطمأنينة لكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق